الخميس، 29 أبريل 2010

المساق الديمقراطي

مقتطفات من كتاب الشورى والديمقراطية للأستاذ عبد السلام ياسين

الفصل الثاني : المساق الديمقراطي




هذا الشكل، فما المـضمون ؟

الشكل حكمة تمنع التظالم وتعطي الحقوق وتنفي الغموض والخوف من المجهول. الشكل حكمة عملية وضمانة.

لكن ما مضمون القانونية الديمقراطية ؟ وما حدود المصالح التي تضمنها القانونية الديمقراطية ويضمنها توازن السلط ؟

مصدر القانونية الديمقراطية بشري. البشر العقلاء يُنظمون حياتهم الأرضية تنظيما مريحا، بلغوا في ذلك شأْواً نغبطهم عليه نحن الجاثمُ على صدورنا بكلكله كابوس الظلم والنزوة والزبونية والرشوة والسخرية من القانون ومن حقوق الناس.

ويستخفنا الإعجاب بهذا التنظيم، ونعايش بما يصلنا من أخبار حياة الناس الديمقراطيين السعداء بديمقراطيتهم فنتوق إلى الممنوع الممتنع، فإذا بالديمقراطية -وهي في بلادها مَكْسَبٌ عادي- نتصورها الجنة على وجه الأرض. وإذا بنا نثور ويهيج غضبنا إن سمعنا أو قرأنا مَن يقدح في مضمون الديمقراطية ولا يمدح، وكأنه لا يعرف أن الحضارة الغربية -والديمقراطية نظامها- تُوخذ بخيرها وشرها، بحلوها ومُرها، كما كان يقول رائد التغريب طه حسين.

المحروم من الحرية يرى الحرية في حد ذاتها المطلَب الذي ليس وراءه مطلب. البائس الفقير يرى الرخاء نعمة ما بعدها نعمة. الخائف والجاهل يريان الأمن والعلم أسمى ما يتمناه الناس.

والديمقراطية، المتجملة بامتناعها وفقدنا فضائلها، هي كل ذلك : حرية، ورخاء، وأمن، وعلم، وقوة. إلى سائر ما عند الغرب الديمقراطي مما نعاني من فقده.

لو كان الإنسان ترابا يعود إلى التراب وقد انتهت الجولة. لو كانت الحياة الدنيا هي المبدأ والمعاد. لو كانت الديمقراطية سِلعة تستورد. لو صحّت "المُسلّمة الدوابية" التي تصنف الإنسان في أرقى سلّم الخليقة بوصفه الحيوان الأرقى تطورا. لو كان ذلك كذلك فغبيٌّ من يبغي بالديمقراطية الرخاء، بالديمقراطية الحرية، بالدّيمقراطية القوة والعلم والنَّعمة بديلا.

أمّا وبعد الحياة الدنيا الموت، وبعد الموت بعث ونشور وحسـاب وثواب وعقـاب، وجنة ونار، فالديمقراطية -مضمون الديمقراطية- لا يجيب عن أسئلتي أنا الإنسان، ولا يستجيب لمطالبي الأخروية أنا المومن بالله وباليوم الآخر.

تنظم القانونية الديمقراطية حياة عقلاء كانت لهم بالتاريخ الحافل بالحروب والكوارث عبرة، ففضلوا العيش في أمن وسلام على العيش في حرب وأهوال. لا شأن للديمقراطية بالمطْلق، ومصير الإنسان بعد الموت.

الديمقراطية نفعية محضة، أرضية محضة، لاييكية اختيارا واضطرارا.


في أي ميدان تباري الشورى الإسلامية المطلوبة نظيرتها الديمقراطية البشرية المتحققة فعلا، الناعِمِ بها أهلها، المتفَيّئي ظلالَها أهلها ؟

بما نحن بشر تجمعنا البشرية ويجمعنا العقل المعاشي فالحكمة الشكلية مِلْك للبشر. والمومنون ضالّتُهم الحكمةُ، أنى وجدوها فهم أحق بها.

يحكُم العقل المعاشي شؤون المعاش بحذْقٍ في بلاد الديمقراطية. وتسير التكنولوجيا المتطورة السريعة التطور بوسائل حياة الناس، ومطامحهم، إلى غير وِجهة. فالديمقراطية اللبرالية الحريةُ الرخاءُ الأمنُ قفص بلا طائر في نظر المومن، لأنّها تدور حول فَلَك هبائيٍّ، لأنها لا تعرف للإنسان معنى غير أنه دابة راقية في سُلّم التطور.

فمهما كان الشكل الديمقراطي ذكيا فالمضمون الكفريُّ اللاييكي هو عينُ الغباء.

عاش غبيّاً في ظل الرخاء الديمقراطي والأمن والعلم والقوة، لأنه سيموت غبيا، ويُحشر مع الأغبياء.

ويصيب الانبهار بعض من يكتبون عن الإسلام، أو يمَسُّهم من الغموض والخوف طيفٌ من الشبح المُحَلق في الأجواء، فإذا بهم يجادلون في الإسلام ونظامه خصوم الإسلام ونظامه من مواقعَ يحسب القارئ والسامع أن الإسلام نظام دنيوي متفوق متقدم على غيره بأربعة عشر قرنا. لا غير.

ما الإسلام نمط للحياة الدنيا. وما الشورى نظام للحياة الدنيا. الإسلام دعوة إلى مأْدُبة الآخرة، إلى حُبور القرب من الله بعد الموت، والشورى نظامُ حياة هنا، مُرادَةٍ لحياة هناك. تصلُح الحياة هنا على ما فرض الله فتصلُح بصلاحها الحياة هناك.


والبقيه تجدونه علي هذا الرابط

http://www.ikhwan.net/vb/showthread.php?t=121439

 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق