الجمعة، 13 مايو 2011

الفكر السلفي وإشكالية الاندماج

بقلم/ أبو عبدالرحمن

الفكر السلفي التقليدي وإشكالية الاندماج

في مقال سابق ناقشنا الفكر التقليدي السلفي ودوره في إحياء العداء أو ما
يسمي بصناعة الأعداء، وخلصنا إلي عدة توجيهات أهمها أهمية تفيعل ثقافة دفع
الضرر وضرورة طلب العلم من مصادره وإنكار الذات،بالإضافة إلي الطلب بإنشاء
توليفة من خيرة المجددين داخل التيار السلفي وإبرازهم علي الساحة.

كان دور الفكر التقليدي عامل عرقلة لخطوات النهضة والإصلاح والتنشئة
الحضارية علي قيم إسلامية رفيعة، خالية من زرع الخوف والهوس بالمؤامرة
وتحرض علي النمو والتمدن، وقد أشرنا علي وجود هذا الفكر في جميع الأديان
والمذاهب والتيارات لكونه صفة بشرية ترتبط بعاملي الفهم والتحقيق،مثال لذلك فالفكر السلفي التقليدي موجود لدي التيار السلفي العالمي بجميع فرقه وتقسيماته الفكرية والنوعية، وهو موجود لدي الصوفية بجميع طرقهم ولدي والشيعة بجميع فرقهم،
أو كما قال الدكتور سليم العوا أن لكل قوم سلف وما من فرقة إسلامية إلا
وتؤمن بالفكر السلفي علي شكل اتباع لأسلافهم من العلماء والمحققين.


ولكن مع بروز التيار السلفي في مصر إعلاميا وتطوره علي الأرض أو ما يسميه
البعض بالتيار السلفي ذما في مجدد السلفية في العصر الحديث الشيخ ابن
عبدالوهاب رحمه الله، كان لزاما علينا من نقاش تلك الفكرة السلفية التي
ظهرت فجأة علي الساحة السياسية وارتبط اسمها بتظاهرات ضد الكنائس وهدم
للأضرحة والتصريح بمصطلحات فجة كغزوة الصناديق، وأيا كانت نتائج تلك
التحقيقات أو محاولات الإنكار أو التبرئة لا يسعنا إلا استنكار ما حدث
ونعتقد أنه لو لم يكن هناك وجود لهذا الفكر التقليدي أو حتي بالإشارة إليه
ما كان للإعلامي أن يكتب عن تورط فرد من هذا التيار دونا عن غيره، لذلك
فالمسألة لها جزء كبير من الإدانة للتيار السلفي خاصة في مصر لأنه سمح
بظهور تلك الأفعال دون تعريف بالنفس أو إجلاء للحقيقة التي ربما تكون قد
غابت عن البعض.

من هنا تأتي الحاجة لفكر تجديدي قائم علي فهم الواقع وتحقيق النصوص وربطها
ببعض بحيث تشكل فهم جديد وصحيح للدين والتدين،هذا الفكر قد يكون موجودا لدي
البعض ولكنه منطفئ ويحتاج من يوقظه وينير له الطريق.

نشير إلي أن أبرز ما يظهر من هذا الفكر التقليدي هو كراهية الآخر، وفي بعض
الأحيان يتم الترصد له وتعقبه إما فكريا أو علي الأرض علي شكل عمليات قتل
وتنكيل كالذي حدث في مدنية لاهور الباكستانية من هجوم علي مسجدين تابعين
للأحمدية وقتل مالا يقل عن 80 شخصا، أو عمليات القتل الطائفي في العراق بين
السنة والشيعة، أو تلك العمليات التي استهدفت الكاثوليك والبروتستانت في
إيرلندا،وآخرها أحداث العنف الطائفي في مصر بين المسلمين والمسيحيين، جميعهم يجمعهم الفكر السلفي التقليدي الذي أشرنا إليه سابقا بأنه موجود لدي جميع الأديان والمذاهب

نخلص من ذلك إلي وجود إشكالية في الإندماج بين أتباع هذا الفكر والمجتمع،
فكراهية الآخر كفيلة بنزع أي مدنية أو مواطنة تتصف بها الدولة في الإسلام
فضلا عن مدنية أوربا التي استطاعت أن تحوي فرقا وأفكارا غير متصادمة،
ومن هنا يأتي دور إبراز جانب التسامح في انصهار الفرد والمجتمع في بوتقة
واحدة لا تشعر فيها بالخلاف الفكري والكل يعمل من أجل دينه ووطنه
،
ولا شك أن ما من دين إلا وله جانب كبير من التسامح ونبذ العنف وقبول الآخر،
لذلك يجب استثمار تلك النزعة التسامحية في إحياء العقل البشري نحو التعايش
الجاد والنافع.

لن يكون هناك اندماج حقيقي للفكر السلفي مع مكونات المجتمع إلا ببروز تيار
يهدف إلي تحقيق النصوص ومحاولة فهمها بطريقة جديدة، أو النظر في الموروث
الإسلامي نظرة موضوعية واستخلاص العبر وتحكيم العقل والمنطق لنجاح التجربة،
فالحاكم بين الإًصلاح والفساد هو نفع الإنسان، لذلك تأتي التجربة محل
الاجتهاد أحيانا، وربما يكون الاجتهاد سبيلا للتجربة الحقيقية،ليس كافيا أن
يتقوقع أبناء التيار داخل المساجد يتلون العلم الشرعي -وهذا شئ جيد في مواجهة التغريب والعولمة ومشكلات العصر-
ولكن ينبغي أن نضيف إليه الانطلاق إلي جميع شرائح المجتمع، فالثورات أحدثت
فقها جديدا لدي الشارع ربما لا يواكبه أو يستوعبه الفكر السلفي التقليدي
وأبرز مثال علي ذلك تحريم التظاهرات واعتبارها فتنة، وقد خلصت التجربة إلي غير ذلك
رغم أن علماء الإسلام أصلوا لفقه التظاهرات من قبل وما زال التقليديون
يرون حُرمتها، وهذا كفيل بصنع حاجز نفسي وفكري بين السلفيين والمجتمع.

قبل أن يتطور ويعلو هذا الحاجز فلابد من استباق المواجهة معه علي شكل
اندماج وانصهار داخل شرائح المجتمع، فحينها فقط من الممكن أن نصنع جيلا
جديدا يفهم الإسلام علي حقيقته ويؤصل لفكرة جديدة تهدف لخير البشرية،
ووقتها تسود فكرة أستاذية الإسلام علي العالم في وقت يتعرض فيه المسلمون
لحملات تشويه ونزع للهوية، فكون عدم وجود نموذج إسلامي ناجح يُحتذي به إلي الآن كفيل بهدم الفكرة الإسلامية لدي الآخر، والمقصد هو إيصال فكرة الإسلام علي حقيقتها دون تكلف أو اصطناع حينها فقط سيتحقق الإقناع...ويعلو
شأن الإسلام في قلوب الآخرين التواقين إلي دين سماوي يخاطب المادة والروح،
ويتميز بترابط العقل والنص، ويخاطب حياة ما بعد الموت بشئ من الربانية
والفطرة


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


الفكرالسلفي وصناعة الأعداء/ طرح نقدي يناقش حادث كنيسة امبابة

بقلم/ أبو عبدالرحمن


الفكرالسلفي وصناعة الأعداء/ طرح نقدي يناقش حادث كنيسة امبابة

صناعة الأعداء في وقت انتفاء العداء، ثقافة هدامة تعني الكثير لمعتنقيها،
وأهم معالم تلك الثقافة شيوع الجهل والتعصب مما يؤدي لتعظيم النزعات
العرقية والطائفية.

هناك مكنون نفسي يتصف بالإعجاب بالرأي الشخصي وهو أحد أركان فساد الإنسان
بوجه عام، والحق هو إنكار الذات ومواجهة العجب قدر الاستطاعة، هنا يبرز
بناء ذاتي لا يقبل الآخر وبناءا عليه تسود حدة الخلافات وتعظيم الانشقاقات
نتيجة عدم وضوح الهدف وتشوش الرؤية،معالجة ذلك لن تكون إلا بالعلم
والمعاصرة ،وسيادة فقه الواقع والمآ لات قبيل أي جمود فكري يستنزف طاقة
الإنسان ويخترلها في شكل تنظير ليس له معني إلا في عقول معجبيه.

ومن هنا يبرز دور الواقعية في حياة الإنسان هذا الدور الذي كان له أكبر
الأثر في اختلاف الفقهاء علي مدار التاريخ الإسلامي، فتجد فقيها يحكم في
مسألة برأي وفقيها آخر يحكم بشئ مخالف في نفس القضية،الأصل في ذلك هو تعدد
الأدلة المرجحة للرأي فيما يسمي بأصول المذهب ، ونتيجة طبيعية لخلق الإنسان
بإرادة حرة عاقلة تستنبط ما ينفعها في دنياها وآخرتها تلك النعمة-الإرادة
الحرة- التي هي من أعظم نعم الله علي الإنسان.

كان دور هذا الاختلاف مؤثرا في نشأة فكر تقليدي يتتبع النصوص كأولوية ويضع
معيار الفهم والتطبيق داخل سجون الإتباع، ويضع الترهيب أولوية علي الترغيب
مما تسبب في شيوع الخوف والكسل، تلك العقلية الوصائية التي تستنزف مقدرات
العقل البشري ،وهي موجودة في جميع الأديان والمذاهب،فهي صفة واختيار بشري
في آن واحد، لذا كان من الطبيعي نشوء تيارات مقاومة تهدف إلي التحرر من
تبعات هذا الفكر علي عمارة الكون وحياة الإنسان ولن نتطرق لهذه المسألة ففي
هذا بحث طويل وربما نناقشه لاحقا، إن ما يهمنا الآن مناقشة من اتبع هذا
الفكر في الوسط الإسلامي.

وقبل أن نخوض في تلك الأحداث وتقييمها بميزان العقل والشرع نبدي
تفهما لعدم وجود إجماع داخل التيار السلفي بصحة هذا الفكر التقليدي بيد
نشوء حركات تجديدية فكرية تهدف لتنشيط العقل السلفي وإخراجه من بين براثن
الانغلاق والجمود
،ونشدد علي أهمية إبراز تلك الحركات الآن فما أحوج للأمة بشكل عام وللسلفيين بشكل خاص إلي تلك الأفكار

بداية فقد يكون لفصاحة المتكلم دور في التأثير، ولكن إن افتقد المنطق فلن تدخل المعلومة لذهن المتلقي وهذا يفسر وقوف جمهور المفكرين والمثقفين في وجه هذا الفكر التقليدي الذي أثر علي الوعي الإسلامي وربطه بمسائل لا تخصه
،ومع هذا تظهر الولاءات الناجمة عن الفصاحة التي خاطبت العواطف ،وعدم وقوف
تيار علمي ودعوي قوي في وجه تلك النتائج سينتج عنه شيوع الجهل والأمية
وحرف الأهداف الرئيسية إلي مسارات ثانوية..ويتأصل الفكر الأحادي بميزان
الشرع والشرع منه براء.

ظهرت إحدي نتائج هذا الفكر التقليدي في حادثة كنيسة امبابة في العاصمة المصرية،
هذا الحادث الذي هز الضمير المصري خاصة وأنه أتي بعد انتصار الثورة
المصرية في إزاحة نظام قمعي سلطوي ، هذا الحادث باختصار يحكي عن أشاعة
إسلام أحد النساء المسيحيات واختطافها داخل كنيسة، مما أدي لقدوم أعداد من
السلفيين وبعض الذين يرافقونهم وتظاهروا حول الكنيسة مطالبين بظهور هذه
الفتاه وبعد توسط اتفقوا علي دخول الوسطاء للمعاينة فحدث ضرب النار من مقهي
مجاور للكنيسة.

لكن بغض النظر عن سير تلك الأحداث سوف نناقش الأسباب التي أدت لحدوث هذا الفعل وتداعياته بشئ من الإيجاز، خاصة وأنه جاء بعد ظهور إمرأة مسيحية أخري وقالت أنها لم تُسلم في إشارة لطيفة إلي وجود فكر منحرف داخل المجتمع المصري يبث الشائعات
، مستغلا حالة الفراغ العلمي والفكري الذي يمر به المجتمع المصري منذ 60
عاما من وجود أنظمة سلطوية تسببت في حدوث بلادة فكرية وعدم رغبة في المعرفة
وقطع للتواصل البناء بين عناصر الأمة.

إن خروج مجموعة من الناس أيا كان اتجاههم الفكري والتظاهر أمام دار للعبادة
تخص مواطنا آخر ليس علي دينة لهو كارثة من أعظم الكوارث التي لحقت
بالبشرية، ليس فقط لخطورتها علي الوضع الأمني والإجتماعي، بل علي الوضع
الثقافي الذي يطرح البدائل ثم يجد ما يحذر منه قد وقع، حق التظاهر مكفول
للجميع ولكن في مكانه بعيدا عن أي لغط ديني أو عرقي، وحق الاستبيان مكفول
لولي الأمر ممثلا في السلطتين التنفيذية والقضائية، وأي تعدي علي هذين
الحقين فيما يخص حادث امبابة سوف يعرض حياة الناس للخطر، وهذا ما دفعنا
لكتابة تلك الكلمات الموجهة إلي كل عاقل يعرف دينه وحق وطنه عليه.

ولكن في الفترة الأخيرة وخاصة بعد أحداث الثورة المصرية تم التعدي علي تلك الحقوق في انتهاك صارخ لقيم الحضارة وأصول الشريعة الإسلامية القاضية بحرية الاعتقاد وحماية إخوان الوطن والذود عنهم ضد أي اعتداء ، ونصحهم إن أخطأوا بجميل الكلم والتعبير، والتأسي بهم إن أجادوا الفعل والاختيار.

ربما يكون هذا دليلا علي شيوع الجهل بالمسلمات العقلية ومنها أن الشرائع
السماوية تعطي حق الثواب والعقاب،أما القانون فهو للعقاب أكثر منه
للثواب،في تجلي واضح لمعيار العدل السماوي والعدل الأرضي، هذه الثقافة تقف
حائط صد أمام أي تحرك من هذا الفعل يريد الثواب السماوي وينسي العقاب
السماوي والعدل الأرضي معا، هذه معادلة فكرية لو تمكنت من عقول هؤلاء ما
خرجوا لإبراز جانب القوة أمام الخصم.

إن وضع هذه المعادلة أمام العين ضروري جدا للوقاية من أي فعل قد ينتج عنه ضرر،
ومعدلات ارتفاع وانخفاض الضرر تبقي أسيرة لحجم التحرك ودقة الدافع ونُبل
المقصد،فإذا ما خلصنا إلي وجود خلل في هذه المعايير حينها وجب الانتباه، أن
الفعل قد يؤدي إلي ضرر ، ومن هنا صار دافع جذب الناس إلي الإسلام أقوي وأشد من التنظير أو الحشد الذي يجلب المغبة في النفوس ويشيع روح العداء والشقاق،
هذه دعوة ربانية ارتضاها الله عز وجل للبشر أن ادعو الناس بخُلُقِك قبل أن
تدعوهم بالكلمة، فلتكن قدوة يحبها الناس قبل أن تكون كائنا مُهابا،
فالهيبة تطبع علي القلب شئ من الحقد والحسد والطريق للدعوة لن يكون إلا عبر
إنكار الذات..

عليكم بإنكار ذواتكم لكي تبقي الدعوة فعالة رامية إلي مستقبل أفضل وغد
منير، عليكم بحب الآخر عبر حب الخير له، ولا ننسي أن الإسلام ظل قويا
وشامخا بأبناءة الدعاه الذين جابوا البلدان والأمم باحثين عن سبيل الهداية
لهم وللآخرين، هؤلاء كانوا قدوة فأحبهم الناس واتبعوهم ودخل الناس في دين
الله أفواجا، ومن أجل وطن عزيز كمصر علينا جميعا بناءة بعد تخريبه عبر
الفساد ونشر الأمية والبلادة، علينا بالعلم والتعلم وزيادة الاطلاع فقد
يكون الانغلاق علي مصدر واحد من العلم هو من تسبب في نشوء تلك الأحداث...

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

حول الإعلام الطائفي في مصر"المرصد الإسلامي نموذجا"

بقلم/ أبو عبدالرحمن


حول الإعلام الطائفي في مصر"المرصد الإسلامي نموذجا"

بداية فالطائفية حدث ووصف يعبرعن أزمة فكرية يمر بها الإنسان ولا يتحد ذلك الوصف مع التعايش والسلام والوحدة، وإن كان هذا الوصف أكثر تعبيرا لحالات الإنشقاف والتشرذم الإنساني، وهو مرادف لوقائع الحرب والمواجهة وبالتالي هومصدر أساسي لنمو ثقافة الصدام ،نخلص من ذلك إلي أن الطائفية فكرة ترفض الآخر وأي فكرة ترفض الآخر لابد لها من جذور تُبني عليها، أحيانا تأخذ تلك الجذور المنحي العاطفي وأحيانا تأخذا بُعدا علميا مدروسا خَلص إلي نتيجة تؤدي إلي الفعل ، مثال علي ذلك تلك المناظرات والمناقشات التي تجري بين أتباع الفرق والأديان المختلفة، ولكن عندما تتعلق المسألة بموقف عدائي للمخالف " القريب" شريك الوطن ،حينها وجب التنبيه بأن هناك فكرة خرجت من حيز النقد إلي حيز الصدام،وتتعلق بشيوع الكراهية والتحريض علي العنف.

قد لا يكون هناك توجيها مباشرا أو أمرا لعناصر معينة، ولكن فكرة تركيز الضوء علي المخالف والهجوم الإعلامي المتكرر عليه وعدم انصافه بحجة مقاومته لهي من أشد الأفكار تطرفا وسذاجة في نفس الوقت،يعود ذلك إلي أن فكرة الحشد الإعلامي بحجة المقاومة الفكرية هي تثبيت واعتراف بقوة الخصم، وبالتالي خروج زمام المبادرة من أيدي الفاعل وتقوقعه داخل شرنقة الدفاع مما يعطي الأهلية للخصم بالاتساع وكسب المؤيدين.

ولكن مع ذلك فالأمر ليس علي إطلاقه ففي أوقات الحرب لابد من التعبئة والتجييش وإنصاف العدو قد لا يكون حكيما وقت صلصلة السيوف وسقوط الشهداء، ولكن تلك حالة الحرب فمعايير التقييم فيها تختلف ومستويات الفكر مرتبطة بأساليب المواجهة تبعا للتحركات والمناورات ،وفي النهاية فالحرب هي عبارة عن تحرك به عنف جسدي وهي آخر مراحل وتطورات المواجهة.

أما حينما ترتبط الحالة بالمقاومة الفكرية فالتركيز علي تحركات الخصم وإبرازها يعد نوعا من الضعف والسذاجة، فكونك فردا مواجها ولا تتحدث أو تبرز إلا تحركات خصمك هذا يعني وقوعك في أسر الضعف وتمكن الخصم منك ونجاحة في إدخالك في ثقافته الخاصة ، يعني إبراز جانب البطولة منك في تلك الحالة يعد أمرا لا واقعيا، وفي ذات الوقت فإن الإنسان كما هو أسير للإحسان هو أيضا عدو الأساءة، وتعقب المخالف –الفكري-وتصيد ذلاته والبحث عن أي أسلوب لمواجهته يعطي للنفس ميلا للجانب الأضعف وهنا تكمن الخطورة، فالبناء الفكري للذات أولي وأوجب في تلك الحالة وياحبذا لو كان بناءا قائما علي معايير أخلاقية أكثر منها تنظيرية.

سنضرب مثالا لطيفا علي ذلك وهو حالة موقع"المرصد الإٍسلامي لمقاومة التنصير"ومن إٍسم الموقع نري أن ما تحدثنا عنه سابقا ظهر جليا علي شكل أزمة فكرية يعاني منها القائمون علي هذا الموقع الذي يدخل ضمن حيز الإعلام الطائفي في مصر، دخلت علي هذا الموقع الألكتروني أكثر من مرة فوجدت أشياءا لا تمت لمقاومة التنصير بصلة حتي لو تسمي الموقع بهذا الإسم فلا يوجد دليل راجح علي نجاح الفكرة بالعكس فقد أصبح الموقع الألكتروني أزمة يعاني منها من يمثل المسلمون في هذا المكان ،فسياسته قائمة علي إبراز الخصم الفكري وتصيد ذلاته وتتبع عناصرة ونشر أي فكرة ذم في المخالف حتي لو كانت غير منطقية ، والبديل الأصلح هو التشديد علي أن "مقاومة التنصير" لن تأتي إلا ببناء منظومة أخلاقية وفكرية قائمة علي العدل مع النفس ومع الآخر تجنبا لحالة التعاطف التي ربما قد يلعب علي كسبها الخصم ووضعها علي قائمة استراتيجياته، ومن هنا يأتي دور إنكار الذات الذي أشرنا إليه سابقا في مرات عدة وطالبنا بضرورة تفعيله.

نأتي إلي أمر هام لا يقل أهمية وهو مصطلح "مقاومة التنصير" حقيقة فالوضع الآن في مصر والعالم يعطي مؤشرا علي أن الدين الإسلامي هو أكثر الإديان اتساعا وانتشارا ولله الحمد والمنة والتنصير ليس له وجود"مكثف" إلا في بعض الأمكنة التي يعاني سكانها من حالات الجهل والفقر ونشير بذلك إلي دور التنصير في إفريقيا فهناك تنتشر الجماعات التبشيرية المدعومة من الكنائس في استغلال لعواطف وجهل وفقر تلك الشعوب.

-وفي الحالة المصرية نري أن الغالبية العظمي من الشعب مسلمة والأقلية مسيحية، وعليه طبقا لواقع يحكي انتشار الإسلام في ربوع العالم نخلص إلي وجود أسلمة وليس تنصير، فالواقع المصري جزء من حالة عالمية عامة كتلك الأزمة الاقتصادية التي عاني منها العالم علي فترات متقطعة، طبيعي جدا أن تؤثر الحاله العامة علي من يندرج تحت إطارها ويتأثر بنتائجها،إذا فالتنصير في حد ذاته- لو ثَبت وجوده –فهو علي شكل فردي وليس جماعي،مما يبطل نظرية مقاومة التنصير التي توحي بأن هناك ظاهرة جماعية عامة عنوانها تنصر المسلمين ودخولهم في الدين المسيحي أفواجا، يعني ربما يعد ذلك لعبا علي عواطف الناس وإخراجهم من حالة إلي حالة أخري ،والعجيب أن الموقع نفسه يتبني –بشكل رئيسي-قضايا المسلمات الجدد في تناقض واضح في المبادئ واختزال العنوان والهدف في صورة هجوم شديد علي المخالف أحيانا يأخذ شكل التحريض والتعبئة.

ولكن ما يهمنا في هذا الإطار ليس عمليات الأسلمة والتنصير بقدر التركيز علي دور الإعلام الطائفي في الحشد والتجييش، وعادة ما يكون في حالة غياب العلماء والمثقفين الفاعلين ما تقع الشعوب أسيرة لخطاب إعلامي مزيف يخاطب العواطف قبل العقول،فليس من المنطقي أن نحارب المخالف الفكري ونجلب عدواته في عصر يتسم بالنمو المعرفي والدعوة إلي الحوار والتجاوز المعنوي لمشكلات أدت إلي تفرق الناس وبروز خلافاتهم علي السطح،وخاصة لو كان هذا المخالف الفكري هو شقيق وطن وشريك حياه حينها وجب الانتباه بأن هناك أشياء تجري علي الأرض لا ترضاها الأديان أو الأخلاق والقيم السماوية.

إن الأخلاق والقيم المجمع عليها هي معيار المفاضلة لبني الإنسان، فالإنسان كائن يشعر ويقرأ ويستنتج فلو استنتج دون قراءة أو شعور فقد وقع في المحظور، والإسلام يفرض العلم واتباع العلماء والمخالف الفكري له ذمة وعهدا ما دام مسالما ولو أخطأ فردا فلا نحمل طائفته مقدار خطأه ، فالعاقل يري الحب والخير قبل أن يري الكراهية والشر، والحكيم من كان عقله سابقا لعاطفته،والتريث والصبر مع اتخاذ كافة الإجراءات القانونية وألا نجعل أنفسنا أوصياء علي القانون هو الحل الوحيد لاستكمال مسيرة النهضة للشعب المصري...تحيا مصر وتحيا ثورة الشعب المصري ضد الظلم والفساد

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق