الجمعة، 13 مايو 2011

الفكرالسلفي وصناعة الأعداء/ طرح نقدي يناقش حادث كنيسة امبابة

بقلم/ أبو عبدالرحمن


الفكرالسلفي وصناعة الأعداء/ طرح نقدي يناقش حادث كنيسة امبابة

صناعة الأعداء في وقت انتفاء العداء، ثقافة هدامة تعني الكثير لمعتنقيها،
وأهم معالم تلك الثقافة شيوع الجهل والتعصب مما يؤدي لتعظيم النزعات
العرقية والطائفية.

هناك مكنون نفسي يتصف بالإعجاب بالرأي الشخصي وهو أحد أركان فساد الإنسان
بوجه عام، والحق هو إنكار الذات ومواجهة العجب قدر الاستطاعة، هنا يبرز
بناء ذاتي لا يقبل الآخر وبناءا عليه تسود حدة الخلافات وتعظيم الانشقاقات
نتيجة عدم وضوح الهدف وتشوش الرؤية،معالجة ذلك لن تكون إلا بالعلم
والمعاصرة ،وسيادة فقه الواقع والمآ لات قبيل أي جمود فكري يستنزف طاقة
الإنسان ويخترلها في شكل تنظير ليس له معني إلا في عقول معجبيه.

ومن هنا يبرز دور الواقعية في حياة الإنسان هذا الدور الذي كان له أكبر
الأثر في اختلاف الفقهاء علي مدار التاريخ الإسلامي، فتجد فقيها يحكم في
مسألة برأي وفقيها آخر يحكم بشئ مخالف في نفس القضية،الأصل في ذلك هو تعدد
الأدلة المرجحة للرأي فيما يسمي بأصول المذهب ، ونتيجة طبيعية لخلق الإنسان
بإرادة حرة عاقلة تستنبط ما ينفعها في دنياها وآخرتها تلك النعمة-الإرادة
الحرة- التي هي من أعظم نعم الله علي الإنسان.

كان دور هذا الاختلاف مؤثرا في نشأة فكر تقليدي يتتبع النصوص كأولوية ويضع
معيار الفهم والتطبيق داخل سجون الإتباع، ويضع الترهيب أولوية علي الترغيب
مما تسبب في شيوع الخوف والكسل، تلك العقلية الوصائية التي تستنزف مقدرات
العقل البشري ،وهي موجودة في جميع الأديان والمذاهب،فهي صفة واختيار بشري
في آن واحد، لذا كان من الطبيعي نشوء تيارات مقاومة تهدف إلي التحرر من
تبعات هذا الفكر علي عمارة الكون وحياة الإنسان ولن نتطرق لهذه المسألة ففي
هذا بحث طويل وربما نناقشه لاحقا، إن ما يهمنا الآن مناقشة من اتبع هذا
الفكر في الوسط الإسلامي.

وقبل أن نخوض في تلك الأحداث وتقييمها بميزان العقل والشرع نبدي
تفهما لعدم وجود إجماع داخل التيار السلفي بصحة هذا الفكر التقليدي بيد
نشوء حركات تجديدية فكرية تهدف لتنشيط العقل السلفي وإخراجه من بين براثن
الانغلاق والجمود
،ونشدد علي أهمية إبراز تلك الحركات الآن فما أحوج للأمة بشكل عام وللسلفيين بشكل خاص إلي تلك الأفكار

بداية فقد يكون لفصاحة المتكلم دور في التأثير، ولكن إن افتقد المنطق فلن تدخل المعلومة لذهن المتلقي وهذا يفسر وقوف جمهور المفكرين والمثقفين في وجه هذا الفكر التقليدي الذي أثر علي الوعي الإسلامي وربطه بمسائل لا تخصه
،ومع هذا تظهر الولاءات الناجمة عن الفصاحة التي خاطبت العواطف ،وعدم وقوف
تيار علمي ودعوي قوي في وجه تلك النتائج سينتج عنه شيوع الجهل والأمية
وحرف الأهداف الرئيسية إلي مسارات ثانوية..ويتأصل الفكر الأحادي بميزان
الشرع والشرع منه براء.

ظهرت إحدي نتائج هذا الفكر التقليدي في حادثة كنيسة امبابة في العاصمة المصرية،
هذا الحادث الذي هز الضمير المصري خاصة وأنه أتي بعد انتصار الثورة
المصرية في إزاحة نظام قمعي سلطوي ، هذا الحادث باختصار يحكي عن أشاعة
إسلام أحد النساء المسيحيات واختطافها داخل كنيسة، مما أدي لقدوم أعداد من
السلفيين وبعض الذين يرافقونهم وتظاهروا حول الكنيسة مطالبين بظهور هذه
الفتاه وبعد توسط اتفقوا علي دخول الوسطاء للمعاينة فحدث ضرب النار من مقهي
مجاور للكنيسة.

لكن بغض النظر عن سير تلك الأحداث سوف نناقش الأسباب التي أدت لحدوث هذا الفعل وتداعياته بشئ من الإيجاز، خاصة وأنه جاء بعد ظهور إمرأة مسيحية أخري وقالت أنها لم تُسلم في إشارة لطيفة إلي وجود فكر منحرف داخل المجتمع المصري يبث الشائعات
، مستغلا حالة الفراغ العلمي والفكري الذي يمر به المجتمع المصري منذ 60
عاما من وجود أنظمة سلطوية تسببت في حدوث بلادة فكرية وعدم رغبة في المعرفة
وقطع للتواصل البناء بين عناصر الأمة.

إن خروج مجموعة من الناس أيا كان اتجاههم الفكري والتظاهر أمام دار للعبادة
تخص مواطنا آخر ليس علي دينة لهو كارثة من أعظم الكوارث التي لحقت
بالبشرية، ليس فقط لخطورتها علي الوضع الأمني والإجتماعي، بل علي الوضع
الثقافي الذي يطرح البدائل ثم يجد ما يحذر منه قد وقع، حق التظاهر مكفول
للجميع ولكن في مكانه بعيدا عن أي لغط ديني أو عرقي، وحق الاستبيان مكفول
لولي الأمر ممثلا في السلطتين التنفيذية والقضائية، وأي تعدي علي هذين
الحقين فيما يخص حادث امبابة سوف يعرض حياة الناس للخطر، وهذا ما دفعنا
لكتابة تلك الكلمات الموجهة إلي كل عاقل يعرف دينه وحق وطنه عليه.

ولكن في الفترة الأخيرة وخاصة بعد أحداث الثورة المصرية تم التعدي علي تلك الحقوق في انتهاك صارخ لقيم الحضارة وأصول الشريعة الإسلامية القاضية بحرية الاعتقاد وحماية إخوان الوطن والذود عنهم ضد أي اعتداء ، ونصحهم إن أخطأوا بجميل الكلم والتعبير، والتأسي بهم إن أجادوا الفعل والاختيار.

ربما يكون هذا دليلا علي شيوع الجهل بالمسلمات العقلية ومنها أن الشرائع
السماوية تعطي حق الثواب والعقاب،أما القانون فهو للعقاب أكثر منه
للثواب،في تجلي واضح لمعيار العدل السماوي والعدل الأرضي، هذه الثقافة تقف
حائط صد أمام أي تحرك من هذا الفعل يريد الثواب السماوي وينسي العقاب
السماوي والعدل الأرضي معا، هذه معادلة فكرية لو تمكنت من عقول هؤلاء ما
خرجوا لإبراز جانب القوة أمام الخصم.

إن وضع هذه المعادلة أمام العين ضروري جدا للوقاية من أي فعل قد ينتج عنه ضرر،
ومعدلات ارتفاع وانخفاض الضرر تبقي أسيرة لحجم التحرك ودقة الدافع ونُبل
المقصد،فإذا ما خلصنا إلي وجود خلل في هذه المعايير حينها وجب الانتباه، أن
الفعل قد يؤدي إلي ضرر ، ومن هنا صار دافع جذب الناس إلي الإسلام أقوي وأشد من التنظير أو الحشد الذي يجلب المغبة في النفوس ويشيع روح العداء والشقاق،
هذه دعوة ربانية ارتضاها الله عز وجل للبشر أن ادعو الناس بخُلُقِك قبل أن
تدعوهم بالكلمة، فلتكن قدوة يحبها الناس قبل أن تكون كائنا مُهابا،
فالهيبة تطبع علي القلب شئ من الحقد والحسد والطريق للدعوة لن يكون إلا عبر
إنكار الذات..

عليكم بإنكار ذواتكم لكي تبقي الدعوة فعالة رامية إلي مستقبل أفضل وغد
منير، عليكم بحب الآخر عبر حب الخير له، ولا ننسي أن الإسلام ظل قويا
وشامخا بأبناءة الدعاه الذين جابوا البلدان والأمم باحثين عن سبيل الهداية
لهم وللآخرين، هؤلاء كانوا قدوة فأحبهم الناس واتبعوهم ودخل الناس في دين
الله أفواجا، ومن أجل وطن عزيز كمصر علينا جميعا بناءة بعد تخريبه عبر
الفساد ونشر الأمية والبلادة، علينا بالعلم والتعلم وزيادة الاطلاع فقد
يكون الانغلاق علي مصدر واحد من العلم هو من تسبب في نشوء تلك الأحداث...

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 
© 2009/ 11/25 *هذاالقالب من تصميمى * ورود الحق